في القرن التاسع عشر، دخل الجيش الفرنسي محافظة السويداء جنوب سوريا بقيادة الجنرال الفرنسي ميشو. واجه الثوار في جبل الدروز الجيش الفرنسي بشجاعة، وأدى ذلك إلى هزيمة كبيرة للجيش الفرنسي. قُتل قائد الحملة، وفر الباقون هاربين من المعركة. كانت التكتيكات المستخدمة مختلفة بشكل كبير، حيث كان للجيش الفرنسي الطائرات والدبابات والمجنزرات ورشاشات ومدافع، في حين كان للثوار بنادق العثمانية وبنادق الصيد والسيوف والبلطات. بدأ الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال ميشو بالزحف إلى مدينة السويداء، وكان تعداد الحملة 13000 جندي وضابط فرنسي. قابلهم الثوار الذي بلغ عددهم حوالى 400 ثائر بقيادة سلطان باشا الأطرش قرب قرية المزرعة. في المعركة، تمكن الثوار من قتل عشرة جنود فرنسيين وأسروا العديد منهم، كما غنموا كميات كبيرة من الأسلحة والعتاد الحربي والبغال. اندحر الجيش الفرنسي اندحارًا كاملاً، وتبعثرت جثث قتلاه ومدرعاته وآلياته المختلفة وأسلحته الثقيلة بين السهول الممتدة من المزرعة شرقًا حتى قرية الدور ومشارف بصر الحرير غربًا.
يتحدث هذا المقال عن حملة "ميشو" التي شنتها فرنسا على الثوار في سوريا، حيث تمكن العديد من ضباط وجنود الحملة من الهروب من الأسر والتنقل بين المدن. ورغم تناقض الروايات حول عدد الجنود الذين شاركوا في الحملة، فإنها أسفرت عن خسائر كبيرة في الأسلحة والمعدات التي تم غنمها من الحملة بعد هزيمتها.
وبعد ذلك، انتقل الثوار بقيادة سلطان باشا الأطرش إلى السويداء لتشديد الحصار على القلعة لأكثر من شهرين. وقبل بدء عملية قصف القلعة بالمدافع، أرسلت السلطة الفرنسية وفدًا مؤلفًا من الكابتن رينو ويوسف الشدياق وعبد الله النجار لطلب الهدنة وفتح باب المفاوضات للصلح. ووافق سلطان الأطرش على إخراج النساء والأطفال الفرنسيين والغرباء من القلعة، وتم نقلهم إلى دمشق بإشراف عبد الله النجار.
وعلى الرغم من القصف الذي تعرضت له القلعة، فإن الخنادق والاستحكامات التي قام بها الثوار داخل القلعة، والإمدادات التي تم تزويدهم بها يوميًا بواسطة الطائرات، والغارات الجوية المتواصلة، جميعها حالت دون استيلاء الفرنسيين على القلعة.
أن معركة المزرعة كانت ذات أهمية كبيرة بالنسبة للسلطات الفرنسية في الشرق، حيث تمت مناقشة الموضوع في البرلمان الفرنسي وتابعته الصحف الباريسية والأوروبية الأخرى بإهتمام. ولذلك، لم تجد الحكومة الفرنسية أي بديل عن طلب الهدنة ووقف القتال في الجبل تمهيدًا لعقد صلح دائم مع الثوار. في 8 أغسطس 1925، حضر عبد الله النجار إلى قرية الثعلة حيث كان سلطان باشا الأطرش مجتمعًا مع بعض وجوه الجبل، وعرض عليهم فكرة الهدنة والمفاوضات من أجل الصلح. واتفق مع الحاضرين على تقديم الشروط التالية: يجب أن تبدأ المفاوضات بحضور الأمير فؤاد أرسلان بالإضافة إلى أعضاء الوفد المشار إليهم، ويجب أن تستمر المفاوضات لمدة ثلاثة أيام على الأكثر. يتطلب الصلح إطلاق سراح المنفيين والمعتقلين وتسليم الأسرى الفرنسيين، ويصر الثوار على استقلال سوريا ووحدتها الكاملة، وإقامة حكم وطني دستوري فيها. كما يجب وقف الغارات الجوية على قرى الجبل ووقف ضرب المدفعية من قلعة السويداء. في 17 أغسطس، وصل وفد من دمشق يتألف من: أسعد البكري، توفيق الحلبي وزكي الدروبي، وأعلنوا تأييدهم للثورة باسم الحركة الوطنية بدمشق، وأكدوا لسلطان باشا الأطرش استعداد المواطنين في سورية عامة للمشاركة الفعلية بها وتقديم العون المادي والمعنوي لها في الحال. تم إقامة نصب تذكاري في موقع المعركة لتخليد بطل هذه المعركة الشهيد سليمان العقباني، وذلك لتذكير الجميع بانتصار ثوار جبل الدروز ضد المستعمر الفرنسي.
تنويه: بالرغم من كل المجهود الذي تم بذله في عمليات البحث حرصاً منا عل تقديم أدقّ المعلومات التي يحتويها هذا الموقع، و مع أننا في أغلب الأحيان نقوم بذكر المصادر التي تم من خلالها البحث عن المعلومات، لكننا ككادر بشري قائم بأعمال هده الصفحة أو كصفحة "شاميات نت" بحد ذاتها لا نتحمل أي مسؤولية عن أي خطأ أو إنتقاص مهما كانت طبيعته أو عن أي تغيير في المعلومات الموجودة داخل هذا الموقع.