تشتهر دمشق بصناعاتها اليدوية التقليدية المتميزة بالجودة والإتقان والجمال. وتعتبر الصناعات الفخارية والزجاجية والمعدنية والنسيجية والجلدية والسيوف الدمشقية ونسيج البروكار من أهم هذه الصناعات.
تدل هذه المصنوعات اليدوية على ذوق صاحبها وصانعها، حيث يتميز الصانع الفني الدمشقي بالمهارة اليدوية والخبرة المهنية والذوق الفني والحس الجمالي، ما جعل مصنوعاته متميزة بالدقة والابتكار والتجديد وحقق لها شهرة واسعة.
وذكر الباحث بشير زهدي في كتاب الصناعات اليدوية السورية التقليدية أن إبداع المصنوعات الفخارية والزجاجية والنسيجية بدأ كهواية لدى الدمشقيين، وأسهمت الممارسة في إغناء الخبرة المهنية. وبعدما كان العمل يتم في المسكن مع أفراد العائلة، انتقل إلى أسواق قرب المعابد، حيث تزدحم الأقدام وتشكلت الأسواق الاختصاصية، وصار لهذه المهن روابط مهنية ونقابات لها رئيسها وأعضاؤها الحريصون على سمعة مهنتهم.
وكان الصانع الفني يصنع بنفسه أدواته المهنية وفق متطلبات عمله ومهنته. وأثارت هذه الأدوات المهنية اليدوية إعجاب الكثيرين، حتى إن من يطلع على هذه الأدوات في يد الصانع الفني يتساءل كيف يستطيع هذا الصانع أن يبدع روائعه بهذه الأدوات.
source:https://sites.google.com/site/crafts2050/412

يُعَدّ المدمشق أو قماش البروكار الدمشقي من أشهر وأفخر أنواع الأقمشة والمنسوجات في العالم، ويتم صنعه من خيوط الحرير الطبيعي والذهب والفضة. وتتميز مدينة دمشق في سوريا بصناعتها الفريدة للقماش، ولديها حرفيين وصُنَّاع متخصصين وشهيرين في هذا المجال. ويشتهر البروكار عالمياً باسم "دمشق".

الأغباني الدمشقي
قدم السوريون رجالًا ونساءً إسهامًا فنيًا رائعًا من خلال حرفة الأغباني، حيث كانوا يزينون القماش بمطرزاتهم الجميلة والمتقنة، ويستخدمونها في تزيين العباءات الشرقية وأغطية الطاولات وستائر النوافذ، وحتى بعض المفروشات القديمة التي تعود لأكثر من 500 عام. ورغم قلة عدد حرفيي الأغباني، فإنهم لا يزالون يحافظون على الطابع الشرقي الأصيل ويتماشون مع التطورات الحديثة في نفس الوقت.

السيف الدمشقي
يعد الفولاذ الدمشقي أو المدمشقي من الفولاذ الخاص المستخدم في تصنيع نصل السيوف، والذي يرتبط بمدينة دمشق ويعود إليها الفضل في ابتكاره. كانت السيوف الدمشقية تُصنع من الفولاذ الهندواني الذي يتميز بنقوشه المبرقشة والمحزمة، ويتمتع بصلابة عالية ومقاومة للاهتراء، بالإضافة إلى قابليته للشحذ والسن إلى درجة عالية من الحدة. وحظي السيف الدمشقي بشهرة واسعة عبر التاريخ، حيث اشتُهِر بعدة قصص وروايات، منها قدرته على قطع شعرة ساقطة على نصله.

القيشاني
يعد فن القيشاني من فنون الخزف الملون التي ظهرت في العصور الإسلامية الأولى للدولة الأموية، وتطور عبر تاريخ الدولة الإسلامية حتى وصل إلى شكله الحالي المعروف. وتميزت مدينة دمشق بالصنّاع المهرة الذين عملوا على ابتكاره وتطويره ونقله إلى العالم الأوروبي، حيث عمل الحرفيون على تحويل ورشاتهم إلى متاحف تحتوي على العديد من التحف الشرقية المشغولة بالقيشاني، مثل البراويز واللوحات والقنديل الأموي وإبريق الوضوء والزمزمية والمزهريات والكؤوس. وتتميز هذه الأدوات بتصاميم ونقوش تناسب التراث الدمشقي وتنقل موروثه الثقافي العريق.

صياغة الذهب و الفضة
يشتهر الذهب السوري بدقته في العيار والصياغة، مما جعل هذا المنتج الذي يتم إنتاجه على يد أياد سورية ورثتها عن الآباء والأجداد مرغوباً في جميع أنحاء العالم.

العود الدمشقي
يعتبر العود الدمشقي نتاجاً لبيئة بلاد الشام التي تتميز بحضارتها العريقة وجمال طبيعتها، ويعكس الوسطية التي تتميز بها تلك البيئة الحضارية والطبيعية. ويعد من أجود الأعواد التي يتم إنتاجها في سوريا، وساهم في تطوير عقلية الصناع في هذا البلد، حيث تحولت طريقة إنتاجه من العمل الفردي إلى العمل في الورش. وأصبح العود الدمشقي محط إعجاب كبار الموسيقيين والفنانين العرب، ويعتبر أحد حوامل التراث اللامادي في بلاد الشام بشكل عام، وفي سوريا بشكل خاص. وعلى الرغم من تأثره بتداعيات الحرب والعقوبات، وخاصة هجرة الكفاءات، فإن الحاضنة الكبيرة لتلك الصناعة ساعدت على التخفيف من تلك التداعيات.

الموزاييك الخشبي
تتميز حرفة الموزاييك بتطعيم الخشب بجزئيات صغيرة من خشب آخر أو بالصدف، لتشكل لوحة فسيفساء جميلة من الأشكال الهندسية المختلفة. ويتميز فن الموزاييك بالعمل اليدوي الكامل، حيث يمزج الحرفي بين روح الفنان والمبدع. وتشكل ألوان خشب الورد والليمون والكينا والتوت والسرو على أرضية من خشب الجوز السوري المتين صورة فنية مذهلة تعكس تاريخاً من الجمال والإبداع، وتمثل حرفة تقليدية سورية أصيلة. ويعد الموزاييك الشامي فناً تحفياً رائعاً يتميز بالجمال والسحر.

التطعيم بالصدف
تُعد مهنة تطعيم الخشب بالصدف من الفنون العريقة التي اشتهرت بها مدينة دمشق، وتعكس جوانب من تراثها من خلال تحويل الخشب إلى تحف فنية رائعة تزين بيوتها القديمة وأماكنها المقدسة، مثل المساجد والكنائس. يعود تاريخ هذه الحرفة إلى مئات السنين، ويمكن القول إنها جزء لا يتجزأ من الثقافة والتراث الدمشقي. ويمكن العثور على قطع تزين بها الصدف بيوت دمشقية قديمة، فضلاً عن الفنادق والأماكن الأخرى التي تحمل طابعاً معمارياً يعتمد على فن التطعيم. ويُعد قصر العظم ومكتب عنبر وبيت نظام من أشهر البيوت الدمشقية التي تزينت بهذه الصناعة الفنية الرائعة.

الرسم العجمي
تُعد الرسم العجمي حرفة فنية يدوية قديمة من أصل دمشقي، وقد توارثها الفنانون عبر العصور وأبدعوا فيها، حيث ساهموا في تزيين البيوت والقصور لتعطي الطابع الشرقي الأصيل. ومن أهم ما يميز هذا الفن هو استخدام مادة النباتة التي تعطي الشكل الزخرفي النافر، وقد اعتبر البعض أن تركيبها سر، ولكن السر الحقيقي يكمن في الفنان نفسه الذي يبدع في عمله. ويتميز هذا الفن بتمازج الزخارف التي تمثل مزيجاً من الفن الفارسي والتركي والمغربي والعربي، بالإضافة إلى العناصر اليونانية والاغريقية التي ظهرت في العصور القديمة. ويعد الرسم العجمي فناً فريداً من نوعه يحمل في طياته جمالاً وروعةً لا تضاهى.

النقش على النحاس
يعتبر الحفر على النحاس من الحرف اليدوية ذات الذوق الرفيع، حيث يعتمد على فن النقش وتشكيل المعادن بطريقة فنية جميلة ورسومات متنوعة، مما يجعل القطعة النحاسية تتحول إلى تحفة فنية رائعة تخطف الأبصار وتجذب الناس إليها. ويمتزج في هذا الفن بين الفن والجمال والتراث، حيث يمتلك تاريخاً عريقاً ويمثل رمزاً للحرفية اليدوية الفنية. وتعد هذه الحرفة من الفنون التي تتميز بالدقة والتفاني في التفاصيل، مما يجعلها تحفة فنية لا تضاهى.

النفخ بالزجاج
تأثر التراث التاريخي والعمراني في دمشق بشكل كبير جراء الحرب الدائرة في سوريا منذ سنوات، وقد تضررت الكثير من المعالم الأثرية والمباني التاريخية في المدينة. ومن بين الحرف اليدوية التي تعاني من تأثير الحرب هي مهنة النفخ بالزجاج، والتي تعد واحدة من أقدم المهن في دمشق. وقد اعتاد الدمشقيون الاستعانة بالمشغولات الزجاجية في احتياجاتهم المنزلية اليومية لفترة طويلة، ولكنها واجهت منافسة شديدة من منتجات أخرى كالبلاستيك. ونتيجة للحرب وهجرة شيوخ الكار والعمال لهذه المهنة، تواجه هذه المهنة اليوم مخاطر الانكسار والاندثار.

الزجاج المعشق
يعد الزجاج المعشق واحدًا من أقدم الحرف الدمشقية العريقة، حيث تجمع فيه الإبداع والمهارة والتقنية الحديثة مع الحفاظ على تراثها الأصيل. وقد شهدت هذه الحرفة تطورًا ملحوظًا عبر السنين، محافظة على جمالها وروعتها التي تميزت بها منذ القدم، ولا تزال تتألق بأجمل ما قدمته أيدي صناعها.

صناعة الطربوش
يعود تاريخ "الطربوش" في دمشق إلى فترة استعمارالدولة العثمانية إلى المدينة، حيث ازدهرت هذه القبعة التركية بشكل كبير. ووفقًا لحاج لبعض المؤرخين، فقد تم تعميم ارتداء الطربوش للرسميين من أبناء السلطة العثمانية في عهد السلطان سليمان القانوني، ومن ثم انتشر بين الشعب وأصبح يستخدم بشكل واسع في دمشق وكافة أنحاء سوريا. وفي أوائل القرن الماضي، كان الطربوش يزين رؤوس "بكاوات" و"باشاوات" سورية، وأصبح جزءًا لا يتجزأ من ثقافة وتراث المدينة.

صناعة القبقاب
القبقاب هو نوع من الأحذية التقليدية المصنوعة يدويًا من الخشب، والتي تستخدم في بعض المناطق العربية، مثل سوريا واليمن ومصر. يتميز القبقاب بتصميمه البسيط والمريح، حيث يتكون من قطعة خشب مسطحة تتكيف مع شكل القدم، ويثبت على القدم بواسطة حزام جلدي يمر فوق الجزء العلوي من القدم. تستخدم القباقيب بشكل أساسي في الحمامات والمساجد، حيث يتحمل الماء والرطوبة بشكل جيد، كما أنها مريحة في الحركة والمشي. وتحتاج صناعة القبقاب إلى مهارة وصبر، وهي حرفة تعود تاريخها إلى العصور القديمة.
ومع ذلك، فإن صناعة القبقاب باتت في طور الاندثار في الوقت الحالي، بسبب انتشار الأحذية البلاستيكية والإسفنجية الخفيفة والرخيصة. ولكن يبقى القبقاب جزءًا من التراث الشعبي في بعض المناطق، ويستمر الناس في ارتدائه خاصة في المناسبات التقليدية والأعياد. ويعتبر الممثل السوري الكوميدي دريد لحام من الشخصيات الأشهر التي ارتدت القبقاب في السينما والتلفزيون، حيث اشتهر بدور غوار في مسلسل حمّام الهنا ودوره في مسلسل صح النوم.

كراسي القش
تحتل الكراسي الخشبية والقش مكانة مميزة في الثقافة السورية، حيث تجدها في العديد من المنازل القديمة والحديثة. وتتميز هذه الكراسي بشكلها الفريد والجميل، حيث تصنع من الخشب والقش بشكل احترافي. تعتبر صناعة الكراسي من القش حرفة قديمة في دمشق، حيث يتم اتقان صناعتها بشكل كبير وتستخدم في العديد من الأماكن، مثل المنازل والمقاهي والمطاعم. وتتميز هذه الكراسي بخفة وزنها وصغر حجمها، كما أنها تخلو من المواد اللاصقة مما يجعلها متينة ومتينة. تتواجد دكاكين صناعة الكراسي في مناطق مختلفة من دمشق، وخاصة في منطقة باب مصلى وسوق القباقبية القديم خلف الجامع الأموي. وتعتبر هذه الكراسي جزءًا من التراث السوري الثقافي، ويحرص الكثيرون على امتلاك مجموعة منها كتحفة تراثية في منازلهم.

صناعة الفخار والخزف
تعود أصول صناعة الفخار في بلاد الشام إلى العصر النيوليت الفخاري الذي بدأ في العام 6500 قبل الميلاد. وانتشرت هذه الصناعة على نطاق واسع في بلاد الشام والأناضول، ممتدة من تل الرماد بالقرب من دمشق وحتى الخابور شرقاً. وتميزت صناعة الفخار في بلاد الشام بجودة عالية وتنوع في الأشكال والأحجام. وكانت تستخدم لتخزين المواد الغذائية والسوائل، وكذلك لأغراض ديكورية وتزيينية. وانتقلت صناعة الفخار من بلاد الشام إلى بلاد الرافدين، حيث استخدمها السكان المحليون في صناعة الآنية الفخارية والتي كانت تستخدم في الحياة اليومية وللأغراض الدينية. وما زالت صناعة الفخار حتى يومنا هذا تشكل جزءًا هامًا من التراث الثقافي في بلاد الشام والعالم العربي.