يتحدث المقطع عن ملحمة عين البو جمعة التي نفذتها المجموعات الثورية في مدينة دير الزور في مطلع شهر حزيران عام 1925 ضد القوات الفرنسية خلال الثورة السورية الكبرى. وقد تم الاتصال بين زعماء الثورة السورية الكبرى وبعض الوطنيين من أبناء الفرات، وتم الاتفاق على تمديد الثورة إلى منطقة الفرات وفتح جبهة ضد الفرنسيين لتشتيت قواتهم. وقد قام محمود بنصب كمين في منطقة عين البوجمعة على طريق دير الزور الرقة، والذي يعد ممر إجباري للذهاب من دير الزور إلى حلب، وتمكن من استهداف سيارة عسكرية تقل أربعة ضباط فرنسيين وقتلهم، وهو ما يعد إنجازاً كبيراً للثوار في مواجهة القوات الفرنسية. يعد هذا الانتصار من العمليات العسكرية الهامة التي نفذتها المجموعات الثورية في مدينة دير الزور خلال الثورة السورية الكبرى.
في مطلع شهر حزيران عام 1925، هاجم الثوار سيارة عسكرية فرنسية وألقوا القبض على الضباط الأربعة وسائقهم. اقتاد الثوار الضباط والسائق بعد غنم أسلحتهم إلى مكان يسمى "العكيصية" في البادية، وألقوا بهم في إحدى الآبار المهجورة حيث لفظوا أنفاسهم الأخيرة.
انتاب الفرنسيين جنون القلق بعد فقدان الاتصال بالضباط الأربعة، وشنوا حملة بحث كبيرة شاركت فيها الطائرات الفرنسية. وعندما عثرت القوات الفرنسية على جثث الضباط واستدلت على أسماء الثوار، قامت بشن هجوم على قبيلة البو سرايا في شواطئ الفرات، حيث طوقت المنطقة وشنت غارات جوية على منازل العشيرة. وكانت النتيجة تدميراً شديداً للمزروعات والممتلكات، ووفاة العديد من الأشخاص بما في ذلك النساء والأطفال.
لم يجدي القصف الفرنسي، لذا هددوا بالقبض على نساء الثوار وأمهاتهم وأخواتهم. وعندما وصل الخبر إلى الثوار، قرروا الاستسلام للفرنسيين لإنقاذ حياة النساء والأطفال. وبذلك، انتهت هذه الحادثة الأليمة.
محاكمة الثوار
تمت محاكمة الثوار في مدينة حلب، وتم تعيين المحامي فتح الله الصقال من عائلة عياش الحاج للدفاع عنهم. وفي المحكمة، استمعوا إلى رئيس الاستخبارات الفرنسية في دير الزور، الكابتن بونو، الذي قال إنه إذا كان الأشقاء الذين ارتكبوا هذه الجريمة الفظيعة يستحقون الموت مرة واحدة، فإن زعيم العصابة، محمد العياش، يستحق الشنق مرتين.
وصدر قرار من المفوض السامي الفرنسي في بيروت، موريس بول ساراي، برقم 49 اس/ 5 آب 1925، بنفي جميع أفراد عائلة عياش الحاج إلى مدينة جبلة. وتم حكم محمود العياش مع إثني عشر من رفاقه بالإعدام، وتم تنفيذ حكم الإعدام رميًا بالرصاص في مدينة حلب في 15 سبتمبر 1925. وحكم على محمد العياش بالسجن لمدة 20 عامًا في جزيرة أرواد في محافظة طرطوس.
وقامت السلطات الفرنسية بالانتقام من عياش الحاج بعد حكم الإعدام، حيث استغلوا تردده على مقهى خارج مدينة جبلة ودسوا السم في قهوته. ومنعت السلطات الفرنسية نقل جثمانه إلى دير الزور لأسباب أمنية، ودُفِن في جبلة في مقبرة جامع السلطان إبراهيم الأدهم. وبعد وفاته، تنفس الفرنسيون الصعداء، لأن الحوادث التي كانت تقع في منطقة الفرات كانت تتم برأيه وأمره وهو في منفاه. وأُقيمت صلاة الغائب على روح هذا المجاهد الشهيد في كافة أنحاء سوريا.
واستمرت عائلة عياش الحاج في مدينة جبلة حتى صدور قرار العفو الفرنسي عام 1929، وعادوا بعد ذلك إلى مدينة دير الزور.
تنويه: بالرغم من كل المجهود الذي تم بذله في عمليات البحث حرصاً منا عل تقديم أدقّ المعلومات التي يحتويها هذا الموقع، و مع أننا في أغلب الأحيان نقوم بذكر المصادر التي تم من خلالها البحث عن المعلومات، لكننا ككادر بشري قائم بأعمال هده الصفحة أو كصفحة "شاميات نت" بحد ذاتها لا نتحمل أي مسؤولية عن أي خطأ أو إنتقاص مهما كانت طبيعته أو عن أي تغيير في المعلومات الموجودة داخل هذا الموقع.