عبد الرحمن صالح الشهبندر


    


نشأته

يعتبر الدكتور عبد الرحمن الشهبندر شخصية بارزة في تاريخ سوريا، حيث ولد في دمشق عام 1879 ونشأ في أسرة دمشقية عريقة. تعرض لفقدان والده وهو في السادسة من عمره، وتربى على يد والدته. حصل على تعليمه الابتدائي والثانوي في مدينة دمشق، وتخرج في الطب من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1906.


تزوج من سارة المؤيد العظم، ابنة تقي الدين بك مؤيد العظم، والتي كانت لعائلتها دور سياسي رائد في تاريخ سوريا. وبفضل دعمه من عائلة ذات نفوذ عالي ومقام اجتماعي رفيع المستوى، تمكن الدكتور الشهبندر من المشاركة في الأحداث الكبرى وتقديم إسهامات هامة في الحياة السياسية والثقافية في سوريا.


يعد الدكتور الشهبندر من الشخصيات البارزة في تاريخ سوريا، وقد قدم إسهامات كبيرة في مجالات عدة، منها الطب والسياسة والثقافة. وتعد عائلته ذات نفوذ عالي ومقام اجتماعي رفيع المستوى، وقد ساعدته على الانخراط في الأحداث الكبرى والمشاركة في تحقيق النهضة الثقافية والسياسية في سوريا.


حياته السياسية

عندما كان الدكتور عبد الرحمن الشهبندر في سن مبكرة، انضم إلى الحلقة الإصلاحية المناهضة للحكم العثماني التي كان يرأسها الشيخ طاهر الجزائري. وقد تم تقديمه إلى المحاكمة بتهمة الاشتراك في تأليف رسالة تتحدث عن الفقه والتصوف. كاد الشهبندر أن يسجن وربما يعدم بسبب انضمامه إلى هذه الحلقة وبسبب مقال كتبه في صحيفة المقطم المصرية حول خلافة السلطان عبد الحميد الثاني. ولكن صغر سنه في ذلك الوقت أنقذه من السجن أو مما هو أخطر من السجن.


سافر الشهبندر إلى لبنان لدراسة الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1902، وبعد تخرجه اختارته الجامعة أستاذًا فيها وطبيبًا لطلابها. وفي عام 1908، عاد الشهبندر إلى دمشق واتصل ببعض معارضي الحكم العثماني مثل عبد الحميد الزهراوي وبأحرار العرب، إثر حدوث الانقلاب العثماني في تموز من تلك السنة، وكان عاملاً كبيراً في تأسيس الجمعيات العربية.


لجأ الاتحاديون إلى سياسة البطش والتنكيل بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، مما دفع الدكتور عبد الرحمن الشهبندر للفرار إلى العراق هربًا من ملاحقة العثمانيين له، وذهب من العراق إلى الهند ومن بعد إلى مصر. حيث تولى في مصر رئاسة تحرير جريدة الكوكب، ليتركها بعد أن تبيّنت له تبعيّتها للسياسة الإنكليزيّة. وقد سعى الشهبندر مع ستة من إخوانه السوريين بأخذ عهد من بريطانيا أطلق عليه (عهد السبعة)، وهو يقضي بأن كل بلاد عربية يفتحها الجيش العربي تبقى عربية مستقلة. لذا نراه جاهرًا بالدعوة إلى التعاون مع الإنجليز في الحرب العالمية الأولى، ومن ثمّ ساند ثورة الشريف حسين ضد العثمانيين ودعا إلى التطوع في جيشه من أجل مواجهة الأتراك والانفصال عنهم.


وقد أسس الشهبندر حملة مع إخوانه في مختلف الأحزاب لإظهار البلاد بالمظهر الذي تنشده أمام اللجنة الاستفتائية الأمريكية. وعندما تولى الشهبندر وزارة الخارجية السورية في حكومة هاشم الأتاسي في عام 1920، سقطت الحكومة بدخول الفرنسيين وفرضهم الانتداب على سوريا. ونتيجة لنشاطه السياسي والوطني، حكم عليه بالسجن عشرين عاماً، والنفي إلى بيت الدين في لبنان، ثم إلى جزيرة أرواد السورية. وبعد تسعة عشر شهراً، صدر العفو عنه، وسافر إلى أوروبا وأميركا للدعاية لقضية الوطن والعروبة، حيث كان من أوائل الزعماء السوريين في تلك البلاد الذين يقومون بطرح القضية الوطنية أمام المحافل الدولية.

الثورة السورية الكبرى

في عام 1924، عاد الدكتور عبد الرحمن الشهبندر إلى دمشق حيث أسس حزب الشعب وتولى رئاسته. وبدأ العمل على تنظيم العمل السياسي ودعوة الناس إلى الوحدة العربية والاستقلال. وبدأ الشهبندر بالاتصال بزعماء ووجهاء المدن السورية للحث على الثورة ضد الاستعمار الفرنسي وتحقيق الحلم الوطني بإقامة دولة سورية مستقلة.


وكان الشهبندر يتواصل مع الزعيم إبراهيم هنانو في المنطقة الشمالية ومحمد بك العيّاش في المنطقة الشرقية. وتمكن العيّاش من تشكيل مجموعات ثورية لضرب القوات الفرنسية في دير الزور. وكانت آخر معارك الثورة في تلك المنطقة في أوائل شهر نيسان 1925.


نتيجة الحادثة في دير الزور، قررت السلطات الفرنسية نفي أفراد أسرة عياش الحاج من مدينة دير الزور إلى مدينة جبلة، وحكمت على محمود العيّاش واثني عشر ثائراً بالإعدام، وتم تنفيذ حكم الإعدام في 15 ايلول عام 1925 في مدينة حلب. وفي أوائل عام 1926 اغتالت السلطات الفرنسية عميد الأسرة عياش الحاج.


كان الدكتور عبد الرحمن الشهبندر على تواصل مع القائد فوزي القاوقجي الذي كان يحضر لإضرام الثورة في مدينة حماة، وذلك على الرغم من ولائه الشديد للفرنسيين ونيله لرتبة عالية في جيشهم. وأعلن القاوقجي الثورة في حماة وضواحيها في 4 تشرين الأول عام 1925، وحقق انتصارات مهمة على القوات الفرنسية، ومن ثم أسند إليه مجلس الثورة الوطني قيادة الثورة في منطقة الغوطة، ومنحه سلطات واسعة. دعم الشهبندر الثورة السورية بكل إمكانياته وطاقاته، ولكن الثورة بعد سنة من قيامها بدأت تضعف فانسحب الشهبندر إلى الأردن ثم إلى العراق ومن ثم إلى مصر، وعاد إلى دمشق بعد إلغاء حكم الإعدام في عام 1937، واستقبلته الجماهير بحفاوة. وفي خطاباته، هاجم الشهبندر معاهدة عام 1936 مع فرنسا وفند بنودها وعدد مساوئها، مما أدى إلى انقسام الشعب بين مؤيد ومعارض لهذه المعاهدة.

اغتياله

في صباح يوم 6 تموز 1940، تعرض الدكتور عبد الرحمن الشهبندر لعملية اغتيال في عيادته في حي الشعلان بدمشق. وقد ألصقت المجموعة المسؤولية على ثلاثة زعماء من الكتلة الوطنية، وهم: سعد الله الجابري وجميل مردم بك ولطفي الحفار. وبسبب ذلك، اضطروا للهروب خارج البلاد بعد صدور مذكرات توقيف بحقهم من قبل السلطات الفرنسية في ليلة 15/16 تشرين الأول 1940.


لقد أحدث هذا الحادث تأثيرًا كبيرًا في نفوس السوريين، حيث خرجوا في تظاهرات كبيرة ينددون بالاغتيال ويطالبون الحكومة والسلطات الفرنسية بالكشف عن الجناة. وأقيمت جنازة كبيرة للدكتور الشهبندر، ودفن في مقبرة قرب الجامع الأموي الكبير بجوار قبر صلاح الدين الأيوبي.


وتم القبض فيما بعد على الفاعلين واعترفوا بفعلتهم، وزعموا أن دافعهم كان دينيًا، حيث ادعوا أن الشهبندر تعرّض للإسلام في إحدى خطبه، وأنهم فعلوا ما فعلوه انتقامًا وثأرًا للدين الحنيف. وقد حكمت المحكمة عليهم بالإعدام، ونفذ فيهم الحكم شنقًا في الثالث من شباط 1941.


كان الشهبندر عقل الثورة السورية الكبرى والمجتمع السوري، وعمل بلا كلل منذ بدايات القرن في الطب والسياسة والصحافة والتدريس والترجمة. وقد جمع مقالاته في كتابين هما "القضايا العربية الكبرى" و "مذكرات الشهبندر". ويظل إرثه الفكري حتى اليوم مهمًا في فن الزعامة والنضال الوطني، وتم تسمية ساحة في قلب دمشق باسمه تكريمًا له ولإرثه الوطني الكبير.



https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%87%D8%A8%D9%86%D8%AF%D8%B1

تنويه: بالرغم من كل المجهود الذي تم بذله في عمليات البحث حرصاً منا عل تقديم أدقّ المعلومات التي يحتويها هذا الموقع، و مع أننا في أغلب الأحيان نقوم بذكر المصادر التي تم من خلالها البحث عن المعلومات، لكننا ككادر بشري قائم بأعمال هده الصفحة أو كصفحة "شاميات نت" بحد ذاتها لا نتحمل أي مسؤولية عن أي خطأ أو إنتقاص مهما كانت طبيعته أو عن أي تغيير في المعلومات الموجودة داخل هذا الموقع.

Total Pageviews